top of page
Search
Writer's pictureGrotius - Center for International Law and Human Rights

اكتشاف الجريمة

28 كانون ثان 2021


مروان دلال


تخيلوا أننا في دولة مثالية لا توجد فيها قضية فلسطينية، ولا احتلال، ولا أقلية ذات وزن كمي انبثقت عن تشريد شعبها من قبل قوات دولة المواطنة التي أنشئت على أنقاضه. فجأة تصاعدت نسبة الجريمة. كيف يتناول النقاش السياسي الافة الاجتماعية المقلقة؟ قسم، عادة المحافظ من حيث اكتراثه بحقوق المواطن والانسان، يطالب بزيادة موارد الشرطة المادية والبشرية وتدخله الفوري لإفناء الجريمة. فئة مقابلة، تعتبر متقبلة لحقوق الفرد ومتسامحة، تحاول أن تفهم هذه الظاهرة اجتماعيا وسياسيا، وتسعى الى بناء مقولة سياسية ومطلبية استنادا الى تحليلها. في الحالتين لا جدوى من تكرار حقيقة تصاعد نسبة الجريمة.


تشير معطيات إحصائية الى ازدياد نسبة الجريمة لدى العرب الفلسطينيين في الداخل على فترات مختلفة. بلغت حصة هذا المجتمع من الجرائم الخطيرة في سنوات متباينة نحو ضعف حجمه. ربما أضاف استعمال وسائل التواصل الاجتماعي الفج الى فشل في محاولة استيعاب ومناهضة الجريمة بنيويا. للجريمة تفسيرات اجتماعية تقليدية كالفقر، تشتت بنى اجتماعية سابقة، واغتراب اقتصادي وفي حالات معينة سياسي أيضا.


يحتل العرب الفلسطينيين في الداخل قمة قوائم الفقر والبطالة ويندرجون ضمن قاع معطيات التحصيل العلمي الثانوي. ينافسهم أحيانا مجتمع اليهود المتدينين الإسرائيلي (حرديم) ويتفوق عليهم اليهود الشرقيين، حيث تتركز قمة الإنجازات في المجالات المذكورة في مركز إسرائيل. يحصر أفراد المجتمع العربي في قرى تفتقر الى المقومات اللازمة للنهوض وتحقيق الذات. لا تختلف سياسة إدارة الحيز العام في إسرائيل عن تلك المطبقة في الأراضي المحتلة عام 1967. لا شك بأن على العربي الفلسطيني بذل جهدا مضاعفا او أكثر لتحقيق المفروغ منه في دول طبيعية ليس فقط لأن لغته مختلفة وانما لان إسرائيل غير معنية جوهريا بتقدم افراد هذا المجتمع.


اذا اضفنا لكل التفسيرات الاجتماعية المتعارف عليها طبيعة إسرائيل النافية لهوية وتاريخ الفلسطينيين، ودأب أجهزة بأكملها على تعميق الاحتلال وحسم الصراع مع الفلسطينيين ابارتهايديا، يجب أن لا نتفاجأ بأن نفس الأجهزة اما لا تكترث بارتفاع الجريمة أو تحرض على انتشارها من خلال علاقاتها المتشعبة في مجتمع الجريمة المتجاوز للهويات والحدود.


فصل الجريمة في المجتمع العربي عن السياسة في الحالة الإسرائيلية خطأ في التحليل ولن ينتج مقولة مطلبية تليق بهذا المجتمع. قد يتطلب الأمر المزيد من الجهد والجرأة والتنازل عن نداء الشرطة للنجدة. ففي هذا الصعاق تكريس لوعي ذاتي مبطن بأن الافة هي ثقافية وليست اجتماعية سياسية مما يضيف الى عنصرية الدولة ولا يناهضها.

4 views0 comments

Comments


bottom of page