top of page
Search
Writer's pictureGrotius - Center for International Law and Human Rights

جورج سوروس واللاسامية

Updated: Apr 11, 2023

24 حزيران 2021

مروان دلال


You wore a shirt of violent green.


R.E.M., What’s the Frequency Kenneth.


جورج سوروس يريد أن يكون هنري فورد وعائلته. انه نسخة مركبة عن مايكل بلومبرغ. الثلاثة فكاهة أمريكية. يحاول سوروس جاهدا اقناع الأمريكيين وغيرهم بأن هدف المؤسسة الخيرية التي أقامها من أجل مناهضة الأنظمة التعسفية في شرق أوروبا في اواسط ثمانينيات القرن السابق مصلحة أهل البلد وهي التحرر من نير حكام أنظمتهم. ينجح في إقناع بعضا من موظفيه ونفسه. يلتزم بالقيمة الأمريكية العليا غير المنصوص عليها في الدستور ولكنها ركن أساسي من أركان الوعي السياسي – الثقافي – الشعبي الأمريكي الا وهي واجب الصمت والامتناع عن محاسبة البعد الثابت والتدميري في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية من خلال جيشها ووكالات استخباراتها لا سيما وكالة الاستخبارات المركزية (CIA). الدولة الأمريكية معطوبة استخباراتيا ملتزمة بشن حروبها وتأجيج حروب الاخرين ولكن لا يمكن محاسبتها فعليا على ذلك. سياساتها العلنية تناقش ولكن نتائج اداءها المضمر مسكوت عنه. قضاء وقدر. الكل في أمريكا يعلم عن دورها الهدام الذي يشكل ثقافتها ولكن يجب تجنب محاسبتها. الويل لمن يحاول.


تطورت هوية اليهود الأمريكيين بحيث تشكل اليوم اللاسامية وكوارث الحرب العالمية الثانية مركزها.[1] وقد باتت الهولوكوست أمريكية الطابع من فيض الاعتراف بها رسميا وثقافيا في حين لم يحظى الغبن الذي ألحقته أمريكا بسكان البلاد الأصليين والأفارقة الأمريكيين باعتراف رسمي مشابه أو بتكرار ثقافي غير مبرر.

ارتفع عدد افراد هذه المجموعة من 1،043،800 في العام 1899 الى 7،153،065 في العام 2020. نيويورك وكاليفورنيا تحتويان أكبر التجمعات: 1،772،470 و 1،187،990. توجهاتهم السياسية والدينية متباينة. معظم الفئات المتدينة من اليهود الأمريكيين على اختلاف مشاربهم ينظرون الى إسرائيل على أنها دولة ثانية لهم. فهم رواد اليسار الأمريكي من المثقفين اليهود الأمريكيين إسرائيل من وجهة نظر صهيونية. تربى نوعم تشومسكي في بيت صهيوني واعتقد في مرحلة ما بأن الكيبوتس الإسرائيلي نموذج ناجح محتمل لتحقيق الفكرة الاشتراكية كونيا. انتمى أو ينتمي بيرني ساندرز الى هذا التوجه.


ربما يكون تشومسكي قد صحح من موقفه القديم. لا أدري. على الرغم من مثابرة تشومسكي على تأييد حقوق الفلسطينيين، الا أن موقفه يجب أن يقرأ من هذا المنظور أيضا. مايكل والتزر شخصية أكاديمية يهودية أمريكية إضافية التي أثرت في صفوف اليسار الأمريكي الذي ما زال يعتقد أن معارضة الحرب في فييتنام لحظة فارقة (صعب تكرارها) في مسيرة اليسار الأمريكي. خلافا لتشومسكي، كان التزام والتزر وهو من مؤسسي مجلة ديسنت اليسارية بتأييد موقف اسرائيل او تبريره ثابتا وايديولوجيا. حرص والتزر على معارضة مناهضي الصهيونية من منطلق يساري او أخلاقي ولم يتردد بالحاق تهمة اللاسامية لمن خالفه الرأي بصدد حق الصهيونية بإقامة دولة في فلسطين.[2] نظّر والتزر غيبيا الى هذا الحق مسخرا موقعه العلماني في اليسار الأمريكي.[3]


يوازي نشاط والتزر في تثبيت شرعية إسرائيل التاريخية أمريكيا الحملة الشعواء والمبالغ بها ضد جيرمي كوربن في بريطانيا بخصوص تقبله المزعوم لبعض الاقوال اللاسامية على هامش حزب العمال البريطاني. شن هذه الحملة على كوربن اتباع خصمه بلير ونالت حجما غير منطقي إعلاميا وسياسيا اثناء الانتخابات للبرلمان البريطاني عام 2019. يعد بلير من ابرز مؤيدي إسرائيل والمسؤول عن غزو بريطانيا غير القانوني للعراق في حين تضامن كوربن مع حقوق الفلسطينيين وعارض الحملة العسكرية البريطانية ضد العراق.


لم تكتسب الفكرة الصهيونية وفي مركزها إقامة دولة لليهود في فلسطين شعبية تذكر في الولايات المتحدة عند بداية القرن العشرين حيث طغت فكرة صهر الجنسيات الوافدة والمهاجرة، لكنها نالت التزام شخصيات يهودية أمريكية بارزة. يتم باصرار الإشارة الى القاضي التقدمي لويس برانديس من أجل منح الفكرة الخبيثة والمتساذجة شرعية نبيلة.[4] أما جامعة هارفرد فساهمت في العام 1903 بنشر الوعي الصهيوني لدى النخب اليهودية الأمريكية من وجهة نظر خلاصية وطوباوية بواسطة محاضرين اما فسروا نصوص عبرية قديمة على انها قيمية أو فلاسفة علمانيين امنوا بدور الانسان في تقرير مصيره.[5] دفع الصهاينة المنظمون بالولايات المتحدة، القوة الدولية الصاعدة بعد الحرب العالمية الثانية، نحو دعم قرار التقسيم في هيئة الأمم المتحدة عام 1947 وتقبل اعلان بن غوريون إقامة دولة إسرائيل في السنة التالية،[6] بعد أن ساهموا في إرساء أسس الييشوف اليهودي في فلسطين.[7]


لم يستوعب التيار المركزي في حركة حقوق المواطن الأمريكية في ستينيات القرن العشرين النضال ضد الاستعمار، واكتفى بمعارضة ممارسات الولايات المتحدة في فييتنام. وان اشترك حقوقيون يهود امريكيون بمساندة نضال الافارقة الأمريكيين، الا انه في كثير من الأحيان تم تأسيس هذا التحالف على فهم خرافي للتاريخ بعد أن تم المساواة بين الرواية التوراتية عن تحرر اليهود من العبودية في مصر مع عبودية الافارقة الأمريكيين. ليس صدفة اذا أن نقرأ في كتاب ادوارد سعيد عن دور المثقف في المجتمع عن شجاعة مالكولم اكس في مناهضة السياسة الخارجية الأمريكية فضلا عن كتابات جيمس بولدوين.[8] تبدل مفهوم الافارقة الأمريكيين بصدد إسرائيل ابتداءا من جيسي جاكسون ليشمل الان فئات واسعة من المثقفين والسياسيين. لا نبالغ اذا قلنا أن تعاطف الافارقة الأمريكيين مع الفلسطينيين يقض مضجع الصهيونية الأمريكية بمختلف تياراتها.


أدت الهجرات المتعاقبة الى الولايات المتحدة ومصدرها عادة حروب في مختلف اصقاع الأرض الى اندثار فكرة بوتقة الصهر الأمريكية وانحسارها في الحزب الجمهوري. أنتجت رغبة الحزب الديمقراطي بملاحقة الناخبين من خلفيات مختلفة ونشوء خطاب اكاديمي حول تعدد الثقافات هوية أمريكية ليست بالضرورة ملتزمة بالرواية الأمريكية التقليدية والاسطورية عن نبل الدولة ودورها الاستثنائي في نشر التقدم في العالم. في التنافس على التواجد الاثني أمريكيا واجه اليهود الأمريكيين مأزقا. ما هو مصدر اثنيتنا؟ دولة الأم أم الدين اليهودي؟ تم اختيار المسار السهل فبدلا من شرق أوروبا باتت إسرائيل هي الدولة الأصل ووفرت الهولوكوست الادعاء الأبرز لبتر معارضة إسرائيل.[9]

يعتقد بعض الباحثين المحليين ان المدخل الى المصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يجب ان يمر من خلال فهم الهولوكوست كنوع من الاعتراف المتبادل الذي قد يشفي سيكولوجيا الجروح التاريخية التي تشكل وعي المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني. كأن الموضوع صراع بين زوج قبل الطلاق. يغفلون التاريخ النضالي ضد النظام العنصري في جنوب أفريقيا ليكرروا بعض الأدبيات عن لجنة المصالحة بعد انتهاءه. الأنكى من ذلك أن الفلسطينيين ليسوا طرفا بما جرى أثناء الحرب العالمية الثانية. فما هو فحوى الاعتراف بالغبن التاريخي وغايته؟ الهولوكوست شيء وتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين شيء اخر.


يتم اقحام مقام ادوارد سعيد الفكري والسياسي من أجل سبغ شرعية على المسار البحثي الغريب. قد يكون الهدف الحقيقي التخبط في العثور على وطأة قدم في هامش الاكاديمية الإسرائيلية وصيرورتها البحثية. حارب سعيد الزج بالهولوكوست كعامل في اضطهاد إسرائيل للفلسطينيين. فضل المثابرة في تفكيك ايديولوجيا الصهيونية دون اللجوء الى اللاسامية. نشرت تيارات متنفذة في الحزب الشيوعي الإسرائيلي لفترة لا بأس بها من الزمن وعيا معكوسا ومنقوصا مثقل بالتجريد والتنظير ولكنه غير تاريخاني. تصدر المفهوم والمصطلح بؤرة النشاط الفكري، ولاحقا أضيفت قواعد النحو. مضمونه المبالغة في دور الاتحاد السوفييتي اثناء الحرب العالمية الثانية واخواء التاريخ الفلسطيني بواسطة الالتحاق بالوطنية الإسرائيلية والتشديد على الرجعية العربية. برزت شخصيات سياسية تفتقد الاتجاه والوجهة التزمت بمنظومة فكرية ريفية في المدينة اليهودية المقامة على انقاض سابقتها العربية. لا تختلف ورشات المصالحة المصغرة التي تهدف الى الاعتراف المتبادل عن أيام جفعات حبيبة التعايشية. تفتقد للوزن الأكاديمي والتأثير السياسي.


يجب ان لا تحجب التصدعات في تعاطف اليهود الأمريكيين نحو إسرائيل حقيقة حضور وتأثير افراد ومجموعات في السياسة الأمريكية الخارجية. السلك الدبلوماسي الأمريكي احتوى دبلوماسيين تماهوا مع إسرائيل: دنيس روس، دان كيرتزر، دان شابيرو، وارون ميلر. تكتب صحف كنيويورك تايمز واتلانتيك عن إسرائيل إسرائيليا. يشمل الحزب الديمقراطي نوابا يهود أمريكيين وغيرهم هم بمثابة عقبة أمام ابراز حقيقة دولة اليهود. وهنالك ايباك ورأس المال اليهودي الأمريكي الملتزم نحو إسرائيل. امتلك شلدون ادلسون الحزب الجمهوري اسرائيليا لعقدين من الزمن. تقع إسرائيل في مركز تأريخ اليهود الأمريكيين لانفسهم.[10]مارثا مينو، جولدا مئير الحقوقية، وزمرتها من النخب القضائية سبب للغثيان.

لا مسألة فلسطينية، لا عنصرية في إسرائيل، ولا اضطهاد. اذ لا عرب في فلسطين. محيطها عربي فقط. ابارتهايدية إسرائيل تقترن عند اليهود الأمريكيين الصهاينة مع انكار الهولوكوست. هلوسة ومصدر للصداع.


لا يختلف صندوق إسرائيل الجديد الممول من اليهود الأمريكيين عن سائر التنظيمات اليهودية الأمريكية الصهيونية: تثبيت جدارة شرعية اسرائيل التاريخية وطبيعية حاضرها. ربما ارتكبت بعض الأخطاء يمكن تصحيحها من خلال النشاط الاجتماعي. عندما شاركت في برنامج الحقوقيين لنيل اللقب الثاني في الولايات المتحدة من اعداد هذا التنظيم ذهلت من حجم التعاطف والتطابق مع إسرائيل، خاصة من قبل مؤسس البرنامج الحقوقي هيرمان شوارتز الذي يعد خبير في القانون الدستوري الأمريكي. لم اصدم من لقاء "الغرب" (العكس هو الصحيح) بل من التشبث باعادة انتاج الرواية الصهيونية لليهود وغير اليهود الليبراليين في الولايات المتحدة. يسقف صندوق إسرائيل الجديد التطلعات الحقوقية والسياسية لدى بعض جمعيات فلسطينيي الداخل. يمكن ويجب تجاوزه.


جورج سوروس يبغى جني الأرباح في أسواق الأسهم وغيرها من الاستثمارات المجازفة.[11] هاجسه الربح وعدوه محاولات سياسية وحقوقية لاعادة تعريف توزيع الثروة في الولايات المتحدة ودوليا.[12] رأس مالي بالمعنى البسيط والجشع للكلمة. يكتب عن الاقتصاد ولكن لا يؤخذ على محمل الجد من قبل اقتصاديي الجامعات. ربما لهذا السبب تبرع من أجل اقامة مؤسسة اكاديمية في بلده الأصلي هنغاريا. منخرط في سياسة الحزب الديمقراطي محليا وقطريا بواسطة تبرعاته البالغة. يتبع هيلاري كلينتون وزوجها. عمله الخيري لا يتعدى توزيع المنح على تنظيمات في بلدان مختلفة والثرثرة عن الدمقرطة. يتوقع سوروس من متلقي تبرعاته أن لا يبادروا لنشاطات لا تتوافق مع توجهاته الأيديولوجية. غير اسم مؤسسته من مؤسسات سوروس (Soros Foundations) الى مؤسسات المجتمع المنفتح (Open Society Foundations) بعد ان اكتشف ان مشاريع معينة بتمويله تخالف جدول أعماله القيمي.[13]


يتكلم سوروس عن اللاسامية بوتيرة عالية. تهيمن رواية نجاته من براثن النازية في هنغاريا على تعريف مؤسسته الخيرية. نادر ما يناقش إسرائيل ويعتقد ان ابراز مثالبها وطبيعتها الابارتهايدية قد يؤديان الى مواقف لا سامية. يلجأ الى الحجة الضعيفة لكي يعارض نقد اسرائيل أولا ثم يتجاهله. يفضل التركيز على محيط إسرائيل والمساهمة في شركة طيفع. تكمن إشكالية سوروس باحتوائه لمؤسسات حقوقية مثل هيومان رايتس واتش التي يديرها كينيث روث اذ تبرع لها بمبالغ طائلة بعد ادانته في المحكمتين الفرنسية والأوروبية بخرق أنظمة التجارة في أسواق الأسهم. يعقد عناق سوروس لروث نظرة تنظيم حقوقي رائد في الولايات المتحدة لإسرائيل والمنطقة. يحرض سوروس على تهميش النقد للدولة اليهودية. كما ترأس ارييه ناييرالناشط البارز في ما يسمى بحركة حقوق الانسان الأمريكية مؤسسة سوروس الخيرية لفترة طويلة منذ انشاءها. رغم التزام كلا من روث ونايير بمباديء حقوق الانسان الا انهما يعانيان من التعاطف التلقائي مع انبعاث الهوية اليهودية في فلسطين بعد سكونها الاف السنين في المهجر.


جورج سوروس سيء لحقوق الانسان ومعاد للقضية الفلسطينية.




Second from right is George Soros. Left of the gathering is the notorious Henry Kissinger. Source: Katherine Rosman, "A Harvard Professor Goes 'Star War' Crazy", New York Times, 4 June 2016.

[1] Peter Novick, The Holocaust in American Life (Mariner Books, 2000); American Jewish Identity Politics (Deborah Dash Moore ed.)(University of Michigan Press, 2008). [2] Michael Walzer, “Anti-Zionism and Anti-Semitism”, 66(4) Dissent, 2019. [3] Edward Said, “Michael Walzer’s ‘Exodus and Revolution’: A Canaanite Reading” 5(2) Grand Street, pp.86-106 (1986). [4] Sarah Schmidt, “The Zionist Conversion of Louise D. Brandeis”, 37(1) Jewish Social Studies, pp. 18-34 (1975). [5] Sarah Schmidt, “The Parushim: A Secret Episode in American Zionist History”, 65(2) American Jewish Historical Quarterly, pp.121-139 (1975). [6] Martin Kramer, “Who Saved Israel in 1947?”, Mosaic, 7 November 2017. [7] Melvin Urofsky, “A Cause in Search of Itself: American Zionism After the State”, 69(1) American Jewish History, pp.79-91 (1979). [8] Edward Said, Representations of the Intellectual (Vintage, 1996), pp.85-102. [9] Leon Wieseltier, “Palestinian Perversion of the Holocaust”, New York Times, 12 June 1988; Gal Beckerman, “American Jews Face a Choice: Create Meaning or Fade Away”, New York Times, 12 November 2018. [10] 92(2) American Jewish History (June 2004); Dennis Ross & David Makovsky, Be Strong and of Good Courage: How Israel’s Most Important Leaders Shaped its Destiny (Public Affairs, 2019). [11] Black Wednesday, BBC Documentary, 1997; Jane Mayer, “The Money Man”, New Yorker, 10 October 2004; Geogre Soros, “My Philanthropy”, New York Review of Books, 23 June 2011. [12] Daniel Bessner, “The George Soros Philosophy and Its Fatal Flaw”, The Guardian, 6 July 2018 (a rare academic consideration of Soros). Aryeh Neier, “Social and Economic Rights: A Critique”, 13(2) Human Rights Brief (2006); The Debate on Human Rights Movement’s Response to Economic Equality, Open Society Foundations, 11 July 2018. [13] The Philanthropy of George Soros: Building Open Societies, 31 May 2011, https://www.youtube.com/watch?v=wVqK1cGEXwc

34 views0 comments

Comments


bottom of page